بينما يحتفل العالم باليوم العالمي للمرأة، لا يسعني التفكير سوى بنساء وفتيات غزّة، والواقع الأليم الذي يواجهنَه باستمرار. إذ في الوقت الذي يتم الاحتفال بالتقدّم المُحرز نحو تحقيق المساواة بين الجنسين في جميع أنحاء العالم، فإنّ التحديات المُستمرّة التي تواجهها المرأة الفلسطينية لم يتم الاعتراف بها بعد.

في غزّة حيث تستمر الحرب، تتحمّل النساء الفلسطينيات عبئاً غير متناسب، وهو ما وصفته هيئة الأمم المتحدة بـ “الحرب على النساء” ذات الآثار المُدمّرة. ما يُقدّر بنحو 9000 امرأة  قتلنَ بشكل مأساوي على أيدي القوات الإسرائيلية مع مرور حوالي 5 أشهرٍ على الحرب في غزّة. ومع ذلك، من المرجح أن يكون هذا الرقم أقل من الرقم الفعلي لعدد الضحايا الحقيقيين، حيث تفيد التقارير بأن العديد من النساء قد لقين حتفهن وما زلن تحت الأنقاض.

تعيش النساء والفتيات في غزّة في كابوسٍ لا ينتهي، حيث يرافقهنّ يومياً العنف والدمار. إذ تخيّلوا فقط أن تستيقظوا كلّ صباحٍ من دون معرفة ما إذا كان هذا هو اليوم الأخير لكم، أو كم عدد الأحباء الذي قد تفقدونه اليوم. هذا هو الواقع بالنسبة للنساء والفتيات في غزّة، حيث يُعتبر كلّ نفسٍ معركةً وكفاحاً بحد ذاته، وتُصبح كلّ خطوة لهنّ مُحمّلة بالمخاطر.

تواجه النساء في غزّة من دون كللٍ أو مللٍ تحديات الحصار القاسي، ونجدهنّ يسعين بكل جهدٍ لتوفير الطعام والمأوى لأطفالهنّ بينما تُدمّر الغارات الجوية المناطق المُحيطة بهنّ. وقد كشف تقرير لمجموعة خبراء بالأمم المتحدة أنّ نساء وفتيات فلسطينيات تعرضنَ للإعدام تعسفياً. وأعرب الخبراء أيضا عن قلقهم إزاء التقارير التي تفيد بأن النساء والفتيات الفلسطينيات المحتجزات تعرضنَ أيضاً لأشكال متعددة من الاعتداء الجنسي، بما في ذلك “الادعاءات الموثوقة”   بالتعرّض للإغتصاب في السجون الإسرائيلية.

إنّ قصص هذه النساء مليئة بالشجاعة والحزن في آنٍ معاً، فهنّ يطالبنَ فقط بالاحترام والاهتمام في عالمٍ يتجاهل باستمرار معاناتهنّ وحقوقهنّ. للأسف، لم تحصد الهجمات الإسرائيلية فقط أرواح الآلاف من النساء والفتيات فحسب، لكنّها دمّرت أيضاً مستقبل وأحلام الكثيرات مثل الطالبة الشيماء صيدم الأولى بفلسطين في الثانوية العامة، أو الصحفية سلام ميمة التي شغلت منصب رئيسة لجنة الصحفيات بالتجمّع الإعلامي في غزّة والتي لم تتعب يوماً بأن تُشارك قصّة غزّة مع العالم كلّه.

خلال الأشهر الخمسة الماضية من الحرب، لا شك بأنّ شجاعة وإيمان نساء غزّة وارتباطهنّ العميق بأرضهنّ وعائلاتهنّ قد ألهمنا بطرقٍ عديدة. من الصحفيات الشجاعات مثل بيسان عودة، هند خضري وبلستيا العقاد اللاتي قمنَ بتوثيق فظائع الحرب على غزّة… وصولاً إلى الناشطة في مجال حقوق الإنسان وحقوق المرأة، الدكتورة منى الفرا، والطبيبة أميرة العسولي التي خاطرت بحياتها بلا خوفٍ أو ترددٍ لإنقاذ الجرحى.

تتصف المرأة الفلسطينية بالشجاعة، والقوّة، والمحبة، والذكاء والقدرة على الصمود والتحمّل. إنّها تستحق العيش بسلام وعدلٍ وكرامة لكي تزدهر. لذلك يجب علينا في هذا اليوم العالمي المُخصص للمرأة أن نتضامن مع النساء الفلسطينيات اللواتي يناضلنَ من أجل السلام والحرية والعدالة، وهي دعوة لنا جميعاً لاستعادة الإنسانية.

يجب علينا أن نتحد تضامناً مع جميع النساء والفتيات اللواتي يعانين من الآثار القاسية للصراعات الوحشية في جميع أنحاء العالم. إنّ العدالة الحقيقية تتطلب الاعتراف بمعاناتهن وتحدياتهن المُتعددة والمُعقّدة. 

في هذا اليوم بالذات، وفي كلّ يومٍ يليه ساعدونا في رفع أصواتهنّ عالياً، والاعتراف بنضالاتهنّ، وتقدير قوّتهنّ، والدفاع عن حقوقهنّ، ودعم مطالبهنّ بوقفٍ فوري ودائمٍ لإطلاق النار الآن!

إنضم إلى الحراك!

من أفراد مهتمين بحماية كوكبنا وتحقيق السلام العالمي والوصول الى التغيير الإيجابي من خلال التحرك الفعلي! معاً لن يستطيع احد ايقافنا. غرينبيس هي منظمة مستقلة تعمل على إحداث التغيير في السلوك والتصرفات، بهدف حماية البيئة والترويج للسلام العالمي.

انضم إلينا